فصل: خبر أفتكين.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.خبر أفتكين.

ولما انهزم أفتكين من عضد الدولة بالمدائن لحق بالشام ونزل قريبا من حمص وقصد ظالم بن موهوب أمير بني عقيل العلوية بالشام فلم يتمكن منه وسار أفتكين إلى دمشق وأميرها ريان خادم المعز لدين الله العلوي وقد غلب عليه الأحداث فخرج إليه مشيخة البلد وسألوه أن يملكهم ويكف عنهم سر الأحداث وظلم العمال واعتقاد الرافضة فاستحلفهم على ذلك ودخل دمشق وخطب فيها للطائع في شعبان سنة أربع وستين ورجع أيدي العرب من ضواحيها وفتك فيهم وكثرت جموعه وأمواله وكاتب المعز بمصر يداريه بالإنقياد فكتب يشكره ويستدعيه ليوليه من جهته فلم يثق إليه فتجهز لقصده ومات في طريقه سنة خمس وستين كما نذكر بقية خبره في دولتهم.

.ملك عضد الدولة بغداد وقتل بختيار.

ولما انصرف عضد الدولة إلى فارس كما ذكرناه أقام بها قليلا ثم مات أبوه ركن الدولة سنة ست وستين بعد أن رضي عنه وعهد له بالملك كما نذكره في خبره فلما مات شرع بختيار ووزيره ابن بقية في استمالة أهل أعماله مثل أخيه فخر الدولة وحسنويه الكردي وطلب ابن حمدان وعمران بن شاهين في عدوانه فسار عضد الدولة لطلب العراق واستمد حسنويه وابن حمدان فواعداه ولم يبعداه فسار إلى الأهواز ثم سار إلى بغداد ولقيه بختيار فهزمه عضد الدولة واستولى على أمواله وأثقاله ولحق بواسط وحمل إليه ابن شاهين أموالا وهدايا ودخل إليه مؤكدا للاستجارة به ثم صعد إلى واسط وبعث عضد الدولة عسكرا إلى البصرة فملكوها وكانت مصر شيعة له دون ربيعة وجمع بختيار ما كان له ببغداد والبصرة في واسط وقبض على ابن بقية وأرسل عضد الدولة في الصلح واختلفت الرسائل وجاءه عبد الرزاق وبدر ابنا حسنويه في ألف فارس مددا فانتقض وسار إلى بغداد وسار عضد الدولة إلى واسط ثم إلى البصرة فأصلح بين ربيعة ومضر بعد اختلافهم مائة وعشرين سنة ثم دخلت سنة سبع وستين فقبض عضد الدولة على أبي الفتح بن العميدي وزير أبيه وجدع أنفه وسمل إحدى عينيه لما بلغه عنه في مقامه بالفرات عند بختيار ولما اطلع عليه من مكاتبته إياه فبعث إلى أخيه فخر الدولة بالري بالقبض عليه وعلى أهله فقبض عليه وأخذ داره بما فيها ثم سار عضد الدولة إلى بغداد سنة سبع وستين وبعث إلى بختيار بخيره في الأعمال فأجاب إلى طاعته وأمره بانفاذ ابن بقية إليه ففقأ عينيه وأنفذه وخرج عن بغداد بقصد الشام ودخل عضد الدولة بغداد وخطب له بها وضرب على بابه ثلاث توتات ولم يكن شيء من ذلك لمن قبله وأمر بابن بقية فرمى بين الفيلة فقتلته ولما سار بختيار إلى الشام ومعه حمدان أخو أبي ثعلب وانتهوا إلى عكبرا أحسن له حمدان وقصد الموصل وكان عضد الدولة قد استحلفه أن لا يدخل ولاية أبي ثعلب فنكث وقصدها وجاءته رسل أبي ثعلب بتكريت في إسلام أخيه حمدان إليه فيمده بنفسه وبعيده إلى ملكه فقبض على حمدان وبعثه مع نوابه فحبسه وسار أبو ثعلب إليه في عشرين ألف مقاتل وزحفوا إلى بغداد ولقيهما عضد الدولة فهزمهما وأمر ببختيار فقتل صبرا في عدة من أصحابه لإحدى عشرة سنة من ملكه.

.استيلاء عضد الدولة على ملك بني حمدان.

ثم سار عضد الدولة بعد الهزيمة ومقتل بختيار إلى الموصل فملكها منتصف ذي القعدة من سنة سبع وستين وكان حمل معه الميرة والعلوفات فأقام في رغد وبث السراة في طلب أبي ثعلب وراسله في ضمان البلاد على عادته فلم يجبه فسار إلى نصيبين ومعه المرزبان بن بختيار وأبو إسحق وطاهر أخو بختيار وأمهم فبعث عضد الدولة عسكرا إلى جزيرة ابن عمر مع حاجبه أبي عمر لحرب طغان وعسكرا إلى نصيبين مع أبي الوفاء طاهر بن محمد ففارقها أبو ثعلب إلى ميافارقين وابتعه أبو الوفاء إليها فامتنعت عليه ولحق أبو ثعلب بأردن الروم ثم بالحسنية من أعمال الجزيرة وتتبع أبو ثعلب قلاعه وأخذ أمواله في كواشي وغيرها وعاد إلى ميافارقين ثم سار عضد الدولة إليه بنفسه واستأمن إليه كثير من أصحابه ورجع إلى الموصل وبعث العسكر في اتباعه فدخل بلاده فصاهره ورد الرومي المملك عليهم في غير بيت الملك ليستعين به على أمره واتبعه عسكر عضد الدولة فهزمهم ونجا إلى بلاد الروم لمساعدة ورد على شأنه لما يؤمل من نصرته إياه واتفق أن وردا انهزم فيئس منه أبو ثعلب وعاد إلى بلاد الإسلام ونزل بآمد شهرين حتى فتح عضد الدولة جميع بلاده كما يذكر في أخبار دولتهم واستخلف أبا الوفاء على الموصل وعاد إلى بغداد وانقطع ملك بني حمدان عن الموصل حينا من الدهر.